فصل: باب الوصية للأقارب وغيرهم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب الوصية للأقارب وغيرهم

أي من الأهل والأصهار والأختان ونحو ذلك، وإنما أخر هذا الباب؛ لأنه في أحكام الوصية المخصوصين وفيما نقدمه ذكر أحكامها على وجه العموم، والخصوص يتلو العموم أبدا منح ‏(‏قوله‏:‏ جاره من لصق به‏)‏ لما كان لكل من الأقارب والجيران خصوصية تستدعي الاهتمام نبه على أهمية كل منهما من وجه حيث قدم الأقارب في الترجمة والجيران هنا سعدية ‏(‏قوله‏:‏ وهو استحسان‏)‏ والصحيح قول الإمام كما أفاده في الدر المنتقى وصرح به العلامة قاسم وهو القياس كما في الهداية فهو مما رجح فيه القياس على الاستحسان‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

يستوي في الجار ساكن ومالك وذكر وأنثى ومسلم وذمي وصغير وكبير، ويدخل فيه العبد عنده‏.‏ وقالا تلك وصية لمولاه وهو غير جار، بخلاف المكاتب ولا تدخل من لها بعل لتبعيتها فلم تكن جارا حقيقة مقدسي، وقوله‏:‏ ومالك‏:‏ يعني إذا كان ساكنا أبو السعود ‏(‏قوله‏:‏ وصهره كل ذي رحم محرم من عرسه‏)‏ لما روي «أنه عليه الصلاة والسلام لما تزوج صفية أعتق كل من ملك من ذي رحم محرم منها إكراما لها» وكانوا يسمون أصهار النبي صلى الله عليه وسلم وهذا التفسير اختيار محمد وأبي عبيد، وكذا يدخل فيه كل ذي رحم محرم من زوجة أبيه وزوجة ابنه وزوجة كل ذي رحم محرم منه لأن الكل أصهار هداية، وقول محمد حجة في اللغة استشهد بقوله أبو عبيد في غريب الحديث مع أنه مؤيد بقول الخليل، لا يقال لأهل بيت المرأة إلا الأصهار‏.‏ وفي شرح الزيادات للبزدوي، قد يطلق الصهر على الختن، لكن الغالب ما ذكره محمد أتقاني ملخصا، وتمامه في الشرنبلالية ‏(‏قوله‏:‏ وأخواتها‏)‏ كذا فيما رأيت من النسخ، وصوابه وإخوتها لأن أخوات جمع أخت ‏(‏قوله‏:‏ وإن ورثت منه‏)‏ بأن أبانها في المرض لأن الرجعي لا يقطع النكاح، والبائن يقطعه زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ عناية‏)‏ لم أجد ذلك فيها، نعم ذكره الزيلعي كما سيأتي ‏(‏قوله‏:‏ قلت لكن إلخ‏)‏‏.‏ أقول‏:‏ الظاهر اعتبار العرف في ذلك، لما في جامع الفصولين من أن مطلق الكلام فيما بين الناس ينصرف إلى المتعارف ا هـ‏.‏ حتى لو تعورف خلاف ذلك كله يعتبر كأهل دمشق يطلقون الصهر على الختن ولا يفهمون منه غيره وهي لغة كما مر‏.‏ وأما ما في البرهان وغيره فهو نقل لما دونه صاحب المذهب، فلا دلالة فيه على أن العرف هنا لا يعتبر، هذا ما ظهر لي فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ثم نقل‏)‏ أي في الشرنبلالية عن العيني أي في شرحه على الهداية عند عبارتها التي نقلناها آنفا ‏(‏قوله‏:‏ صوابه جويرية‏)‏ أخرجه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ «وقعت جويرية بنت الحارث بن المصطلق في سهم ثابت بن قيس بن شماس وابن عم له فكاتبت عن نفسها»‏.‏ وفي مسند أحمد والبزار وابن راهويه‏:‏ «أنه كاتبها على تسع أواق من الذهب، فدخلت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابتها، فقالت‏:‏ يا رسول الله أنا امرأة مسلمة أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأنا جويرية بنت الحارث سيد قومه أصابني من الأمر ما قد علمت فوقعت في سهم ثابت بن قيس فكاتبني على ما لا طاقة لي به، وما أكرهني على ذلك إلا أني رجوتك - صلى الله عليك - فأعني في فكاكي، فقال‏:‏ أوخير من ذلك‏؟‏ فقالت ما هو‏؟‏ قال‏:‏ أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك‏.‏ قالت‏:‏ نعم يا رسول الله‏.‏ قال‏:‏ قد فعلت، فأدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان عليها من كتابتها وتزوجها فخرج الخبر إلى الناس، فقالوا‏:‏ أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترقون فأعتقوا ما كان بأيديهم من سبي بني المصطلق مائة أهل بيت، قالت عائشة‏:‏ فلا أعلم امرأة كانت على قومها أعظم بركة منها»‏.‏ قال في الشرنبلالية‏:‏ وقد علمت أن الصبي كان قد قسم وأن المعتقين للسبي هم الصحابة لا النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاستدلال به على أن الصهر كل ذي رحم محرم من امرأته تأمل لما علمت من القصة ‏(‏قوله‏:‏ وكذا كل ذي رحم‏)‏ أي محرم كما في المنح وغيرها‏.‏ قال محمد في الإملاء‏:‏ إذا قال أوصيت لأختاني بثلث مالي فأختانه زوج كل ذات رحم محرم منه، وكل ذي رحم محرم من الزوج فهؤلاء أختانه، فإن كان له أخت وبنت أخت وخالة ولكل واحدة منهن زوج ولزوج كل واحدة منهن أرحام فكلهم جميعا أختانه، والثلث بينهم بالسوية الأنثى والذكر فيه سواء وأم الزوج وجدته وغير ذلك سواء ا هـ‏.‏ أتقاني والشرط هنا أيضا قيام النكاح بين محارمه وأزواجهن عند موت الموصي كما نقله الطوري ‏(‏قوله‏:‏ وفي عرفنا الصهر أبو المرأة وأمها‏)‏ مكرر مع ما سبق ط ‏(‏قوله‏:‏ غير مماليكه‏)‏ أي وغير وارثه شرنبلالية وأتقاني ‏(‏قوله‏:‏ قلت وجوابه في المطولات‏)‏ وهو أن الاسم - حقيقة - للزوجة يشهد بذلك النص والعرف‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وسار بأهله‏}‏ وقال لأهله امكثوا - ومنه قولهم‏:‏ تأهل ببلدة كذا، والمطلق ينصرف إلى الحقيقة المستعملة زيلعي يشير إلى أن ما استدلا به غير مطلق بقرينة الاستثناء وميل الشارح إلى ترجيح قول الإمام وإن كان هو القياس ولذا قال في الدر المنتقى، ولكن المتون على قوله وقدمه المصنف فليحفظ أيضا ا هـ‏.‏ وهذا إذا كانت الزوجة كتابية مثلا أو أجازت الورثة‏.‏ وفي أبي السعود عن الحموي‏:‏ ينظر حكم ما لو أوصت لأهلها هل يكون الزوج لا غير ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ الظاهر لا إذ لا حقيقة ولا عرف ‏(‏قوله‏:‏ وقبيلته‏)‏ عطف تفسير لقوله أهل بيته بدليل قول الهداية لأن الآل القبيلة التي ينسب إليها ‏(‏قوله‏:‏ من ينسب إليه‏)‏ على حذف مضاف أي إلى نسبه، بأن يشاركه فيه ويجتمع معه في أحد آبائه ولو الأب الأعلى، هذا ما ظهر لي ويأتي ما يوضحه، وإلا فقبيلة الموصي لا تنسب إليه نفسه إلا إذا كان أبا القبيلة‏.‏ ثم رأيت في الإسعاف ما نصه‏:‏ أهل بيت الرجل وآله وجنسه واحد، وهو كل من يناسبه بآبائه إلى أقصى أب له في الإسلام وهو الذي أدرك الإسلام أسلم أو لم يسلم فكل من يناسبه إلى هذا الأب من الرجال والنساء والصبيان فهو من أهل بيته ا هـ‏.‏ فقوله‏:‏ يناسبه أي يشاركه في نسبه أولى من قول المصنف ينسب إليه كما لا يخفى ‏(‏قوله‏:‏ لأنه مضاف إليه‏)‏ أي والوصية للمضاف لا للمضاف إليه زيلعي عن الكافي‏.‏ قال ط‏:‏ وفيه أنه لا يظهر إلا لو قال أوصيت لآل عباس مثلا، أما لو قال‏:‏ أوصيت لآلي أو لآل زيد، وهو غير الأب الأقصى لا يظهر، ولو علل بأن الأب الأقصى لا يقال له أهل بيته لكان أولى ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وعبارة الهداية أوصى لآل فلان ‏(‏قوله‏:‏ إن كانوا لا يحصون‏)‏ عبارة الاختيار وإن كان لا يحصون قوله‏:‏ وزوجته‏)‏ أي إذا كانت من قوم أبيه سائحاني ‏(‏قوله‏:‏ ولا يدخل فيه أولاد البنات إلخ‏)‏ أي إذا لم يكن آباؤهم من قومه سائحاني ‏(‏قوله‏:‏ يتجنس بأبيه‏)‏ أي يقول أنا من جنس فلان‏.‏ قال في غاية البيان لأن الجنس عبارة عن النسب والنسب إلى الآباء ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله‏:‏ كآله وجنسه‏)‏ بيان لمرجع اسم الإشارة في قوله وكذا يعني أن أهل بيته وأهل نسبه مثل آله وجنسه في أن المراد بالكل قوم أبيه دون أمه وهم قبيلته التي ينسب إليها‏.‏ قال في الهندية‏:‏ ولو أوصى لأهل بيته يدخل فيه من جمعه وإياهم أقصى أب في الإسلام، حتى إن الموصي لو كان علويا أو عباسيا يدخل فيه كل من ينسب إلى علي أو العباس من قبل الأب لا من ينسب من قبل الأم، وكذا لو أوصى لحسبه أو نسبه؛ لأنه عبارة عمن ينتسب إلى الأب دون الأم‏.‏ وكذلك إذا أوصى لجنس فلان فهم بنو الأب، وكذلك اللحمة عبارة عن الجنس، وكذلك الوصية لآل فلان بمنزلة الوصية لأهل بيت فلان ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله‏:‏ ومفاده إلخ‏)‏ يؤيده قول الهندية عن البدائع‏:‏ فثبت أن الحسب والنسب يختص بالأب دون الأم ا هـ‏.‏ فلا تحرم عليه الزكاة، ولا يكون كفؤا للهاشمية، ولا يدخل في الوقف على الأشراف ط ‏(‏قوله‏:‏ وبه أفتى شيخنا الرملي‏)‏ حيث قال في فتاواه في باب ثبوت النسب ما حاصله‏:‏ لا شبهة في أن له شرفا ما، وكذا لأولاده وأولادهم إلى آخر الدهر‏.‏ أما أصل النسب فمخصوص بالآباء‏.‏ وسئل أيضا عن أولاد زينب بنت فاطمة الزهراء زوجة عبد الله بن جعفر الطيار‏.‏ فأجاب أنهم أشراف بلا شبهة؛ إذ الشريف كل من كان من أهل البيت علويا أو جعفريا أو عباسيا لكن لهم شرف الآل الذين تحرم الصدقة عليهم لا شرف النسبة إليه صلى الله عليه وسلم‏.‏ فإن العلماء ذكروا أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه ينسب إليه أولاد بناته، فالخصوصية للطبقة العليا، فأولاد فاطمة الأربعة الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب ينسبون إليه صلى الله عليه وسلم وأولاد الحسين ينسبون إليهما فينسبون إليه صلى الله عليه وسلم وأولاد زينب وأم كلثوم ينسبون إلى أبيهم لا إلى أمهم، فلا ينسبون إلى فاطمة ولا إلى أبيها صلى الله عليه وسلم لأنهم أولاد بنت بنته لا أولاد بنته، فيجري فيهم الأمر على قاعدة الشرع الشريف في أن الولد يتبع أباه في النسب لا أمه، وإنما خرج أولاد فاطمة وحدها للخصوصية التي ورد بها الحديث، وهي مقصورة على ذرية الحسن والحسين، لكن مطلق الشرف الذي للآل يشملهم‏.‏ وأما الشرف الأخص وهو شرف النسبة إليه صلى الله عليه وسلم فلا ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وأصله للعلامة ابن حجر المكي الشافعي‏.‏ أقول‏:‏ وإنما يكون لهم شرف الآل المحرم للصدقة إذا كان أبوهم من الآل كما مر، والمراد بالحديث ما أخرجه أبو نعيم وغيره‏:‏ «كل ولد آدم فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم»

‏(‏قوله‏:‏ وإن أوصى لأقاربه إلخ‏)‏ زاد في الملتقى وأقربائه وذوي أرحامه ‏(‏قوله‏:‏ كذا النسخ‏)‏ وكذا في الكنز والغرر والإصلاح قوله‏:‏ قلت صوابه لذوي‏)‏ أي بالجمع كما عبر في الملتقى، لأنه إذا أوصى لذي قرابته، وله عم واحد وخالان فالكل للعم لأنه لفظ مفرد فيحرز الواحد جميع الوصية؛ إذ هو الأقرب زيلعي‏.‏ وفي غرر الأفكار‏:‏ إذا قال لقرابته أو لذي قرابته أو لذي نسبه فالمنفرد يستحق كل الوصية عند الكل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو لأنسابه‏)‏ استشكله الزيلعي بأنه جمع نسب‏.‏ وفيه‏:‏ لا يدخل قرابته من جهة الأم فكيف دخلوا فيه هنا ا هـ‏.‏ وأجاب الشلبي بأن المراد بأنسابه حقيقة النسبة وهي ثابتة من الأم كالأب‏.‏ أقول‏:‏ وفيهم أنهم اعتبروا في أهل نسبه النسب من جهة الآباء كما مر، فما الفرق بينهما‏؟‏ ‏(‏قوله‏:‏ فهي للأقرب فالأقرب إلخ‏)‏ حاصله أن الإمام اعتبر خمس شرائط‏:‏ وهي كونه ذا رحم محرم، واثنين فصاعدا، ومما سوى الوالد والولد، وممن لا يرث والأقرب فالأقرب‏.‏ وقالا‏:‏ كل من يجمعه وأباه أقصى أب في الإسلام‏.‏ وخالفاه في شرطين‏:‏ المحرمية والقرب، فيكفي عندهما الرحم بلا محرمية، ويستوي الأقرب والأبعد‏.‏ اتفقوا على اعتبار الاثنين فصاعدا لأنه اسم جمع والمثنى كالجمع، وأن لا يكون وارثا ولا والدا أو ولدا أتقاني عن المختلف ملخصا، لكن قال الزيلعي‏:‏ ويستوي الحر والعبد والمسلم والكافر والصغير والكبير والذكر والأنثى على المذهبين، وإنما يكون للاثنين فصاعدا عنده ا هـ‏.‏ ونقل نحوه في السعدية عن الكافي‏.‏ ثم قال‏:‏ وهذا مخالف لقول محمد في الوصية لأمهات أولاده الثلاث وللفقراء والمساكين حيث اعتبر فيه الجمعية ولم يعتبر ههنا ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وعلى الأول لا مخالفة وكأنهما روايتان تأمل، ثم رأيت القولين في الحقائق والقهستاني‏.‏ هذا وقول الإمام هو الصحيح كما في تصحيح القدوري والدر المنتقى‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في غرر الأفكار وشرح المجمع عن الحقائق‏:‏ إذا ذكر مع هذه الألفاظ الأقرب فالأقرب لا يعتبر الجمع اتفاقا لأن الأقرب اسم فرد خرج تفسيرا للأول، ويدخل فيه المحرم وغيره ولكن يقدم الأقرب لصريح شرطه ا هـ‏.‏ ونقله في الشرنبلالية والاختيار أيضا‏.‏ قلت‏:‏ وهي حادثة الفتوى سنة ثلاثين ومائتين وألف فيمن أوصى لأرحامه الأقرب فالأقرب منهم فأفتيت بشموله لغير المحارم كما هو صريح هذا النقل ‏(‏قوله‏:‏ قيل إلخ‏)‏ قال في المعراج‏:‏ وفي الخبر‏:‏ «من سمى والده قريبا عقه» وقد عطف الله تعالى الأقربين على الوالدين في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الوصية للوالدين والأقربين‏}‏ ويعطف الشيء على غيره حقيقة، فعرف أن القريب في لسان الناس من يتقرب إلى غيره بواسطة كذا في المبسوط ا هـ‏.‏ أي والوالدان والولد يتقربان، بأنفسهم لا بواسطة ‏(‏قوله‏:‏ ولو ممنوعين‏)‏ بصيغة الجمع ط ‏(‏قوله‏:‏ كما يفيده عموم قوله‏:‏ والوارث‏)‏ أي يفيد عدم دخولهم ولو ممنوعين؛ لأنه لو كانت العلة فيه كونهم وارثين لما احتيج إلى التنصيص على عدم دخولهم؛ إذ هم يخرجون بقوله والوارث لأنه يشملهم بعمومه، فلما لم يكتف بذلك ونص على إخراجهم علمنا أنه أراد أنهم لا يدخلون سواء كانوا وارثين أو ممنوعين فافهم ‏(‏قوله‏:‏ والوارث‏)‏ عللوه بقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «لا وصية لوارث» وبهذا يتجه ما بحثه بعضهم من أن هذا فيما لو أوصى لأقارب نفسه‏.‏ أما لو أوصى لأقارب فلان ينبغي أن لا يخرج الوارث ‏(‏قوله‏:‏ فيدخل‏)‏ الأولى فيدخلان ط ‏(‏قوله‏:‏ واختاره في الاختيار‏)‏ حيث اقتصر عليه، وعلله بأن القريب لغة‏:‏ من يتقرب إلى غيره بواسطة غيره، وتكون الجزئية بينهما منعدمة‏.‏ ونقل أبو السعود عن العلامة قاسم عن البدائع أنه هو الصحيح، ثم قال‏:‏ لكن في شرح الحموي بخطه أن الدخول هو الأصح ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وعبارة متن المواهب وأدخل أي محمد الجد والحفدة وهو الظاهر عنهما ا هـ‏.‏ والحفدة جمع حافد‏:‏ ولد الولد، ومثل الجد الجدة كما في المجمع ‏(‏قوله‏:‏ ويكون للاثنين‏)‏ أي في التعبير بالجمع، بخلاف ما إذا قال لذي قرابته كما قدمناه أفاده ط ‏(‏قوله‏:‏ يعني أقل الجمع‏)‏ الأوضح أن يقول لأن أقل الجمع ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فهي لعميه‏)‏ لأنهما أقرب من الخالين لأن قرابتهما من جهة الأب، والإنسان ينسب إلى أبيه، ألا ترى أن الولاية للعم دون الخال في النكاح فثبت أنهما أقرب من طريق الحكم أتقاني، وهذا حيث كان الوارث غيرهما، وكذا يقال فيما بعده، وهو ظاهر ‏(‏قوله وقالا أرباعا‏)‏ لعدم اعتبارهما الأقربية كما مر ‏(‏قوله‏:‏ ولهما النصف‏)‏ لأن العم الواحد لا يقع عليه اسم الجماعة فلا يستوجب الجميع، فإذا دفع إليه النصف، وبقي النصف صرف إلى الخالين لأنهما أقرب إليه بعد العم فيجعل في النصف الباقي كأنه لم يترك إلا الخالين أتقاني ‏(‏قوله‏:‏ لعدم من يستحقه‏)‏ إذ لا بد من اعتبار الجمع أتقاني‏.‏ وعندهما له جميع الثلث غرر الأفكار وهو مبني ما مر عن الزيلعي والكافي تأمل، ‏(‏قوله‏:‏ يعم الكل‏)‏ لأنه اسم لجنس المولود ذكرا أو أنثى واحدا أو أكثر اختيار ‏(‏قوله‏:‏ حتى الحمل‏)‏ تقييده بما إذا ولدته لأقل من ستة أشهر من وقت الوصية لتحقق وجوده عندها كما ذكروا ذلك في الوصية للحمل ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولا يدخل ولد ابن مع ولد صلب‏)‏ هذا إذا كان فلان أبا خاصا، فلو كان فخذا فأولاد الأولاد يدخلون تحت الوصية حال قيام ولد الصلب عناية، وتمامه في المنح ‏(‏قوله‏:‏ لأنه اعتبر الوراثة‏)‏ أي والوراثة بين الأولاد والأخوات كذلك ولأن التنصيص على الاسم المشتق يدل على أن الحكم يترتب على مأخذ الاشتقاق فكانت الوراثة هي العلة زيلعي، وظاهره أن قوله‏:‏ ‏{‏للذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ ليس عاما في جميع الورثة بل خاص بالأولاد والإخوة والأخوات، وفي غيرهم يقسم على قدر فروضهم وهو المذكور في الإسعاف والخصاف في مسائل الأوقاف والوصية أخت الوقف‏.‏

‏(‏قوله إنما يكون بعد الموت‏)‏ لأن كونهم ورثة لا يتحقق إلا بعد موت المورث، وكذا العقب فإنه عبارة عمن وجد من الولد بعد موت الإنسان، فأما في حال حياته فليسوا بعقب له منح عن السراج ‏(‏قوله‏:‏ ثم‏)‏ أي بعد وجود شرط الصحة المذكور إن كان إلخ ‏(‏قوله‏:‏ على عدد الرءوس‏)‏ أي رءوسهم ورأس الموصى له الآخر ‏(‏قوله‏:‏ ثم ما أصاب الورثة‏)‏ قيد بالورثة لأن القسمة للذكر كالأنثيين خاصة بهم، أما العقب فالاسم تناول جماعتهم فيكونون بالسوية كما قاله في المنح ‏(‏قوله‏:‏ كما مر‏)‏ أي في المتن قريبا من أن القسمة للورثة كذلك

‏(‏قوله‏:‏ ثم‏)‏ أي بعد الحكم ببطلان الوصية للورثة أو العقب لفقد الشرط المذكور إن كان معهم موصى له آخر وهو في المثال الآتي الموصي لورثته أو عقبه، ومثله لو كان أجنبيا كما مثل به في المنح فافهم ‏(‏قوله‏:‏ لأن الاسم لا يتناولهم‏)‏ فكانت وصية لمعدوم فلم يشاركوا فلانا، كما لو أوصى له ولميت أتقاني‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قد علمت مما تقرر سقوط ما في الشرنبلالية في باب الوصية بالثلث حيث قال فيما لو أوصى لفلان وعقبه‏:‏ لعله أي استحقاق فلان الكل فيما إذا لم يولد العقب لأقل من ستة أشهر، وإلا فلا مانع من المشاركة ا هـ‏.‏ وهو من مثل الشرنبلالي عجيب، فإنه لو كان مولودا قبل ذلك لا يدخل فتنبه ‏(‏قوله‏:‏ كذلك‏)‏ من الذكور والإناث ‏(‏قوله‏:‏ ولا يدخل أولاد الإناث‏)‏ بخلاف النسل فإنهم يدخلون فيه، ويستوون في قسمة الوقف والوصية أبو السعود عن الخصاف وغيره ‏(‏قوله‏:‏ لا يتم بعد البلوغ‏)‏ رواه أبو داود بلفظ لا يتم بعد احتلام ‏"‏ وحسنه النووي ‏(‏قوله‏:‏ الأرمل إلخ‏)‏ في المغرب‏:‏ أرمل افتقر من الرمل‏.‏ ثم قال‏:‏ وفي التهذيب يقال للفقير الذي لا يقدر على شيء من رجل وامرأة أرمل، ولا يقال للتي لها زوج وهي موسرة أرملة‏.‏ وقال الشعبي‏:‏ الأنوثة ليست بشرط بل يدخل فيه الذكر والأنثى، إلا أن الصحيح ما فسره محمد أن الأرملة المرأة البالغة التي كان لها زوج فارقها أو مات عنها دخل بها أو لم يدخل، وقوله حجة في اللغة كفاية‏.‏ وزاد في النهاية قيد الحاجة قال لأن حقيقة المعنى فيه نفاد زادها لسقوط نفقتها عن زوجها ا هـ‏.‏ وفي السعدية عن المحيط‏:‏ ولا يقال رجل أرمل إلا في الشذوذ، ومطلق الكلام يحمل على الشائع المستفيض بين الناس ‏(‏قوله‏:‏ ويؤيده إلخ‏)‏ حيث قال‏:‏ ذكرهم وأنثاهم، وقد تبع الشارح صاحب العناية في ذلك، وفيه نظر، فإن قوله‏:‏ فقيرهم وغنيهم ينافيه، ولذا قال في السعدية‏:‏ الظاهر أن كلام المصنف على التوزيع بناء على عدم الالتباس ‏(‏قوله‏:‏ بغير كتاب أو حساب‏)‏ هذا قول أبي يوسف‏.‏ وقال محمد‏:‏ لو أكثر من مائة فهم لا يحصون‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ مفوض إلى رأي القاضي وعليه الفتوى‏.‏ والأيسر ما قاله محمد كفاية عن الخانية، وما عليه الفتوى قال في الاختيار‏:‏ هو المختار والأحوط ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإلا لفقرائهم‏)‏ أي إن لم يحصوا فالوصية لفقرائهم؛ لأن المقصود منها القرابة‏.‏ وهي في سد الخلة ورد الجوعة، وهي الأسامي تشعر بتحقق الحاجة فجاز حمله على الفقراء درر ‏(‏قوله يختص بذكورهم‏)‏ وعندهما وهو رواية عن الإمام يدخل الإناث أيضا ملتقى، وكذا الخلاف لو لم يكن إلا أولاد البنين، وفي دخول بني البنات عنه روايتان، ولو كان ابن واحد وبنو بنين فله النصف ولا شيء لهم وعندهم لهم الباقي ويدخل جنين ولد لأقل الأقل أتقاني ملخصا ‏(‏قوله‏:‏ إلا إذا كان إلخ‏)‏ الطبقات التي عليها العرب ست‏:‏ وهي الشعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة‏.‏ فالشعب يجمع القبائل، والقبيلة تجمع العمارة وهكذا، وخزيمة شعب، وكنانة قبيلة، وقريش عمارة، وقصي بطن، وهاشم فخذ، والعباس فصيلة أفاده صاحب الكشاف ‏(‏قوله‏:‏ مولى العتاقة‏)‏ أي العبد المعتق، وقوله ومولى الموالاة‏:‏ أي المولى الأسفل، وهو من والى واحدا منهم لأنه مولى القوم تأمل ‏(‏قوله‏:‏ وحلفاؤهم‏)‏ بالحاء المهملة‏.‏ والحليف‏:‏ من يأتي قبيلة فيحلف لهم ويحلفون له للتناصر أتقاني ‏(‏قوله‏:‏ وإن كان لا ينبئ عن الحاجة‏)‏ كشبان بني فلان وكذا العلوية أو الفقهاء كما في الهندية

‏(‏قوله‏:‏ لمواليه‏)‏ متعلق بأوصى ‏(‏قوله‏:‏ بطلت‏)‏ اعلم أن المسألة تحتمل ثماني صور، لأن الموصي إما أن يكون له موال أعلون وموال أسفلون، أو مولى واحد فيها‏.‏ أو موال في أحدهما، ومولى واحد في الآخر، وفيهما صورتان، وفي كل إما أن يعبر الموصي بصيغة الجمع أو الإفراد، وصريح المصنف فيما إذا تعددت الموالي في الجهتين، ووقع التعبير بالموالي وليحرر باقي الصور ا هـ‏.‏ ط‏.‏ أقول‏:‏ صرحوا هنا بأن الجمع للاثنين فصاعدا، فلو وجد اثنان فلهما الكل أو واحد فله النصف‏.‏ وأقول‏:‏ الظاهر أن المولى اسم جنس كالولد فيعم الواحد والأكثر، وعند اجتماع الفريقين تبطل فقد ظهر المراد تأمل ‏(‏قوله‏:‏ ولا فرق في ذلك‏)‏ أي في عدم عموم المشترك ‏(‏قوله‏:‏ واختار شمس الأئمة إلخ‏)‏ كذا اختاره المحقق ابن الهمام في التحرير ‏(‏قوله‏:‏ في حيز النفي‏)‏ كمسألة اليمين الآتية ‏(‏قوله‏:‏ وحينئذ‏)‏ أي حين إذ علمت أنه لا فرق عند أصحابنا بين النفي والإثبات في عدم العموم ط ‏(‏قوله‏:‏ لأن الحامل على اليمين بغضه‏)‏ أي بغض فلان وهو أي فلان أو بغضه غير مختلف أي لا اشتراك فيه إذ هو شيء واحد‏.‏ أقول‏:‏ سلمنا أن الحامل واحد لكن الكلام في لفظ المولى، وقد أريد كلا معنييه لاتحاد الحامل فلزم عمومه، اللهم إلا أن يقال‏:‏ اتحاد الحامل قرينة على أنه من عموم المجاز بأن يراد به لفظ يعم المعنيين، وهو من تعلق به العتق بوقوعه منه أو عليه فليتأمل ‏(‏قوله‏:‏ لزوال المانع‏)‏ وهو عدم فهم المراد ‏(‏قوله‏:‏ ويدخل فيه من أعتقه‏)‏ أي الموصي في صحته ومرضه سواء أعتقه قبل الوصية قبل موصيه أو بعدها، لأن الوصية تتعلق بالموت، وكل منهم ثبت له الولاء عند الموت فاستحق الوصية لوجود الصفة فيه، ويدخل أولادهم من الرجال والنساء أيضا لأنهم ينسبون إليه بالولاء بالمتعلق بالعتق فيدخلون معهم، ولا يدخل مولى الموالاة، ولا مولى المولى إلا عند عدمهم مجازا لتعذر الحقيقة كما في الاختيار والملتقى ‏(‏قوله ولا يدخل فيه مدبروه إلخ‏)‏ لأنهم مواليه بعد الموت لا عنده ‏(‏قوله وعن أبي يوسف يدخلون‏)‏ لوجود سبب استحقاق الولاء إتقاني

‏(‏قوله من يدقق النظر‏)‏ أي الفكر والتأمل بالدليل ط ‏(‏قوله وإن علم ثلاث مسائل مع أدلتها‏)‏ حكي عن الفقيه أبي جعفر رحمه الله أنه قال‏:‏ الفقيه عندنا من بلغ من الفقه الغاية القصوى وليس المتفقه بفقيه، وليس له من الوصية نصيب ولم يكن في بلدنا أحد يسمى فقيها غير شيخنا أبي بكر الأعمش طوري‏.‏ وفيه‏:‏ وإذا أوصى للعلوية فقد حكي عن الفقيه أبي جعفر لا يجوز لأنهم لا يحصون وليس في هذا الاسم ما ينبئ عن الفقر والحاجة‏.‏ ولو أوصى لفقراء العلوية يجوز وعلى هذا الوصية للفقهاء ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ لكن ذكر في الإسعاف أنه يصح الوقف على الزمنى والعميان وقراء القرآن والفقهاء وأهل الحديث، ويصرف للفقراء منهم لإشعار الأسماء بالحاجة استعمالا، فإن العمى والاشتغال بالعلم يقطع عن الكسب فيغلب فيهم الفقر وهو أصح ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله حتى قيل من حفظ ألوفا من المسائل‏)‏ أي من غير أدلة‏.‏ وفيه‏:‏ أنهم قد اعتبروا العرف في كثير من مسائل الوصية فلماذا لم يعتبروا عرف الموصي ط‏.‏ أقول‏:‏ الظاهر أن ذلك عرفهم في زمانهم، وقدمنا عن جامع الفصولين أن مطلق الكلام فيما بين الناس ينصرف إلى المتعارف‏.‏ وفي الأشباه من قاعدة‏:‏ العادة محكمة ألفاظ الواقفين تبنى على عرفهم كما في وقف فتح القدير وكذا لفظ الناذر والموصي والحالف ا هـ‏.‏ على أنه قدم الشارح في صدر الكتاب في تعريف الفقه أنه عند الفقهاء حفظ الفروع وأقله ثلاث ا هـ‏.‏ وعزاه في البحر إلى المنتقى‏.‏ ثم قال‏:‏ وذكر في التحرير أن الشائع إطلاقه على من يحفظ الفروع مطلقا يعني سواء كانت بدلائلها أو لا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله لكن قدمنا إلخ‏)‏ استدراك على التطيين فقط، ولم يتعرض لبناء القبة فهو مكروه اتفاقا ط ‏(‏قوله لأنها حينئذ وصية بالمكروه‏)‏ مقتضاه أنه يشترط لصحة الوصية عدم الكراهة، وقدم أول الوصايا أنها أربعة أقسام وأنها مكروهة لأهل فسوق، ومقتضى ما هنا بطلانها، اللهم إلا أن يفرق بأن الوصية إما صلة أو قربة وليست هذه واحدة منهما فبطلت، بخلاف الوصية لفاسق فإنها صلة لها مطالب من العباد فصحت وإن لم تكن قربة كالوصية لغني، لأنها مباحة وليست قربة كما مر، هذا ما ظهر لي وسيأتي في أول فصل وصايا الذمي ما يوضحه ‏(‏قوله بناء على القول بكراهة القراءة على القبور‏)‏‏.‏ أقول‏:‏ ليس كذلك لما في الولوالجية‏:‏ لو زار قبر صديق أو قريب له وقرأ عنده شيئا من القرآن فهو حسن، أما الوصية بذلك فلا معنى لها ولا معنى أيضا لصلة القارئ لأن ذلك يشبه استئجاره على قراءة القرآن وذلك باطل، ولم يفعله أحد من الخلفاء‏.‏ ا هـ‏.‏ بحروفه، فقد صرح بحسن القراءة على القبر وببطلان الوصية فلم يكن مبنيا على القول بالكراهة ‏(‏قوله أو بعدم إلخ‏)‏ أي أو يكون مبنيا على القول بعدم جواز الإجارة على الطاعات، وفي كونه مما أجيز الاستئجار عليه تأمل، لأن ما أجازوه إنما أجازوه في محل الضرورة كالاستئجار لتعليم القرآن أو الفقه أو الأذان أو الإمامة خشية التعطيل لقلة رغبة الناس في الخير، ولا ضرورة في استئجار شخص يقرأ على القبر أو غيره ا هـ‏.‏ رحمتي‏.‏ أقول‏:‏ هذا هو الصواب، وقد أخطأ في هذه المسألة جماعة ظنا منهم أن المفتى به عند المتأخرين جواز الاستئجار على جميع الطاعات مع أن الذي أفتى به المتأخرون إنما هو التعليم والأذان والإمامة، وصرح المصنف في المنح في كتاب الإجارات وصاحب الهداية وعامة الشراح وأصحاب الفتاوى بتعليل ذلك بالضرورة وخشية الضياع كما مر، ولو جاز على كل طاعة لجاز على الصوم والصلاة والحج مع أنه باطل بالإجماع، وقد أوضحت ذلك في رسالة حافلة ذكرت نبذة منها في باب الإجارة الفاسدة، والاستئجار على التلاوة وإن صار متعارفا فالعرف لا يجيزه لأنه مخالف للنص، وهو ما استدل به أئمتنا كصاحب الهداية وغيره من قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به» والعرف إذا خالف النص يرد بالاتفاق فاحفظ ذلك ولا تكن ممن اشترى بآيات الله ثمنا قليلا وجعلها دكانا يتعيش منها ‏(‏قوله أما على المفتى به فينبغي جوازها مطلقا‏)‏ أي سواء كان القول بالبطلان مبنيا على كراهة القراءة على القبر أو على عدم جواز الاستئجار على الطاعات‏.‏ أقول‏:‏ وقد علمت مخالفة هذا البحث للمنقول فهو غير مقبول، بل البطلان مبني على ما قدمناه عن الولوالجية وصرح به في الاختيار وكثير من الكتب وهو أنه يشبه الاستئجار على قراءة القرآن‏.‏ والذي أفتى به المتأخرون جواز الاستئجار على تعليم القرآن لا على تلاوته خلافا لمن وهم‏.‏ ‏(‏قوله فلو لم يباشر فيه إلخ‏)‏ أي مع إمكان المباشرة فيه، لما في فتاوى الحانوتي‏:‏ إذا شرط الواقف المعلوم لأحد يستحقه عند قيام المانع من العمل ولم يكن بتقصيره سواء كان ناظرا أو غيره كالجابي ا هـ‏.‏ وكذا المدرس إذا درس في مدرسة أخرى لتعذر التدريس في مدرسته كما نقله الشارح عن النهر بحثا قبيل الفروع في آخر كتاب الوقف ونحوه في حاشية الحموي، والله تعالى أعلم‏.‏